يشهد مخيم الركبان، الواقع على الحدود السورية الأردنية، ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع الأساسية ومتطلبات الحياة، مما يحرم مئات العائلات القاطنة فيه من شرائها، لا سيما في ظل الحصار المفروض على سكان المخيم وقلة فرص العمل فيه.
وعلى الرغم من أنّ ارتفاع الأسعار مقارنةً بمستوى دخل الأفراد سمةٌ عامة في سوريا اليوم، إلا أنّ الأسعار في مخيم الركبان هي الأكثر ارتفاعاً على مستوى البلاد، وذلك نظراً إلى صعوبة توريد المواد الغذائية إلى المخيم، والتي تمر بدورة تسعير مركبة؛ بدءاً من التجار في مناطق سيطرة النظام، مروراً بشبكة المهربين والتجار المحليين داخل المخيم، إلى أن تصل إلى المستهلكين.
تتبعتْ شبكة حصار دورة ارتفاع أسعار مجموعة من السلع، في مقدمتها الطحين «المدعوم حكومياً»، وهو المادة التي يُمنع بيعها في مناطق سيطرة النظام، غير أنّ بعض التجار المُقربين من السلطة يبيعونها للمهربين لقاء ٤٨ ألف ليرة سورية للكيس الواحد بوزن ٥٠ كيلو غراماً، ليُباع هذا الكيس للتجار داخل مخيم الركبان بسعر ٦٨ ألف ليرة، ويصل أخيراً إلى لمستهلك بسعر ٧٣ ألف ليرة. أي أن الزيادة التي تطرأ على سعر هذه المادة الأساسية، غير المُخصصة للبيع في الأسواق، تبلغ قرابة ٦٥% من سعرها الابتدائي في مناطق سيطرة النظام.
أما بالنسبة إلى المواد الأساسية الأخرى، فقد تراوحت الزيادة بين ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، كما هي مواد الرز وزيت الزيتون، اللذين يصلان إلى المخيم بضعفي سعرهما الحقيقيين في أسواق البلاد.
وكشف أبو أحمد (اسم مستعار) القريب من عملية توريد البضاع إلى مخيم الركبان، أنّ المهربين ليسوا مجرد مهربين عاديين، بل هم أشخاص ذوو ارتباطات وثيقة بالنظام السوري، كاشفاً أنّهم يحصلون على البضائع بأسعار أقل مما هي عليه في أسواق المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري. وعزا أبو أحمد ارتفاع أسعار المواد الواصلة للمخيم إلى استغلال المهربين إلى عوامل أساسية تتلخّص في حصار المخيم وبعده عن الأسواق وخطورة الوصول إليه.
إزاء هذه الأسعار المرتفعة، بدأت تتسع في المخيم مظاهر الجوع والعوز، وخصوصاً بالنسبة إلى الأسر التي يعولها المياومون، علماُ بأنّ فرص العمل في المخيم محدودة وغير مستقرة، في حين لا تتجاوز أجور العمال اليومية دولاراً واحداً.
مروان، أحد قاطني المخيم، هو عامل مياومة في مجال تعبئة ونقل التراب، ونازحٌ من مدينة تدمر وأب لثلاثة أطفال. يتقاضى مروان يومياً نحو ٥ آلاف ليرة سورية في حال توفّر له العمل، ويقول لشبكة حصار إنه «لم يُدخل إلى بيته خلال العام الماضي أكثر من ستين بالمئة من المواد الأساسية»، مضيفاً أنه «يعتمد بشكل رئيسي على البرغل في أحسن لأحوال، أما الحاضر دوماً على مائدتنا فهو الزعتر مع الماء؛ لأنّ شراء علبة زيت واحدة يحتاج أجرة عمل ٧ أيام».
قائمة المواد الغائبة عن بيت مرون طويلة، أبرزها الرز واللحوم، ويقول إنه «في أحيان قليلة نرى الزبدة أو السمنة والمعلبات، أما الفواكه والحلويات، فلم نعد نجرأ على الحلم بها. وبالنظر إلى قائمة الأسعار الحالية في مخيم الركبان، فإنّ أجرة عامل مياومة مثل مروان لا تكفي لشراء أكثر من علبتي سردين في أحسن الأحوال.
محمد عمر