تنبئ ساحات الصباح الأولى من أيام تشرين الأول عن نشاط في شوارع مخيم الركبان، دراجات نارية وسيارات يستقلها صيادون للبحث عن طرائدهم من صقور “الطير الحر” التي تعبر سماء المخيم خلال شهري تشرين الأول والثاني، قادمة من أوروبا وشمال آسيا قاصدة القارة الإفريقية.
عشرات الصيادين يجهزون عدة الصيد من شباك وأقفاص تحوي طيوراً صغيرة مثل الحمام والقطا والسمان، تستخدم كطعم لصيد الصقور أملاً في اصطيادها، يقول من تحدثنا معهم إن ذلك يمثل تغييراً في نمط معيشتهم، هي صدفة قد تؤمن حياتهم، خاصة مع الأسعار المرتفعة لمثل هذه الطيور.
لا يملّ أبو علي الخالدي، أحد صيادي مخيم الركبان، من رحلته اليومية خلال شهري اصطياد الحر، يركب دراجته النارية ويقطع عشرات الكيلو مترات، ضمن المنطقة التي يطلق عليها 55، على الحدود السورية الأردنية والتي تضم داخلها مخيم الركبان المحاصر.
يقول الخالدي إن اصطياد الطائر الحر هوايته المفضلة منذ سنوات طويلة، ورث حبها من والده، ولم تمنعه سنوات الحرب والحصاد من ممارستها، إضافة لما يتعلق بهذه المهنة من ربح وفير يساعده على الحياة داخل جدران المخيم.
وللصقور، التي تعبر بادية الحماد السورية، أنواع عديدة أفضلها بحسب الخالدي “الشاهين -الكوسية -الجرناس”، وهي من الطيور المرغوبة في البيع والشراء لقوتها وقدرتها على تحمل الجوع والعطش، خاصة وأنها تقطع آلاف الكيلو مترات في رحلتها السنوية.
تزيد تكلفة عدة الصيد عن ثلاثة ملايين ليرة سورية، يقول الخالدي إن التكلفة زادت في العام الحالي لارتفاع أسعار الوقود ومستلزمات الصيد والطعام داخل المخيم المحاصر، إلا أن هذه التكلفة لم تمنع الصيادين من رحلات الصيد، خاصة أن حالفهم الحظ باصطياد طائر من نوع جيد وبصحة كاملة.
يخبرنا الخالدي أن أحد الصيادين حالفه الحظ منتصف الشهر الحالي باصطياد صقر من نوع “الشاهين”، بيع بخمسة وخمسين مليون ليرة سوريا، كذلك اصطاد آخر صقراً من نوع “كوسية”، بيع باثنين وخمسين مليون ليرة.
وتختلف طرق صيد الصقور، بحسب أبو خليف العموري أحد الصيادين في الركبان، إذ يعتمد بعضهم على الصيد بـ “الباشق”، ويشرحه العموري الطريقة بوضع “باشق”، وهو نوع من الصقور الصغيرة، وإغماض عينيه بشكل دائم وتدريبه على الطيران بشكل متقطع لسهولة الإمساك به.
ويضيف العموري إن الصيادين يعلقون في قدم الباشق “نكلية”، وهي مصائد على شكل حلقات مصنعة من النايلون وريش بعض الطيور التي يتغذى عليها الطائر الحر، وعند إطلاقه يهاجمه الطائر الحر للحصول على فريسته فتقع قدماه في مصيدة “النكلية”، ليسقط الحر والباشق معاً.
أما الطريقة الثانية فتعتمد على طائر الحمام أو القطا، إذ يتم تجهيز شبكة يحكم وضعها على ظهر الطائر “الفريسة الجيدة للصقور”، لتكون طعماً للطائر الحر.
الطريقة الأخيرة والأقل كلفة ما يسمى بـ “الكوخ”، وهي حفرة بارتفاع متر ونصف المتر تغطى بشكل جيد، ويترك فيها فتحات للمراقبة، يجلس الصياد فيها من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، ويستخدم الصيادون غراباً مدرباً لمراقبة السماء، وعند رؤية الطائر الحر يصدر صوتاً غريباً ينبه الصياد لوجود صيده، فيطلق طائر الحمام المربوط بخيط في مكان ثابت لجذبه ووقوعه في الشبكة.
ضيق المساحة التي يسكن فيها صيادو الركبان والحصار المفروض عليهم أكبر المشكلات التي يجدها الصيادون، إذ غالباً ما تسقط الفريسة في منطقة خارج الحدود في الأراضي العراقية أو الأردنية، أو في مناطق سيطرة النظام ما يحول دون الحصول عليها، إذ لا يمكن أيضاً أن تحاصر السماء أما طائر حر.
محمد عمر