تشكل تربية الماشية مصدر الدخل الرئيسي لكثير من الأسر النازحة في مخيم الركبان، إلا أن الثروة الحيوانية تعاني من تهديد وجودي في المرحلة الحالية التي تعد الأسوأ منذ أن سكن النازحون في المخيم، وسط تحذيرات من اختفائها في المرحلة المقبلة.
شبكة الركبان استطلعت أراء خبراء في المخيم وعاملين في تربية الماشية وبيع الأعلاف، الذين اختصروا التحديات وأبرزها، الجفاف الذي ضرب المخيم واختفاء المراعي، وكذلك تبدل سعر صرف الليرة السورية وانخفاضه أمام الدولار، ما تسبب في اعتماد كامل على الأعلاف، التي بدأت تنحسر بشدة جراء عجز أصحاب الماشية سداد ديونهم المستحقة لتجار الأعلاف، وبالتالي انعدام الكتلة المالية التي تضمن استمرار تأمين الأعلاف للماشية.
ديون بنصف مليار ليرة سورية
و وفق إحصائيات شبكة الركبان، تجاوزت إحصائيات الديون المسجلة في مراكز الأعلاف نصف مليار ليرة سورية، وهو ما دفع عدد من تجار الأعلاف إلى وقف تجارتهم، أو التقليل بشكل حاد كميات الأعلاف المستجلبة من خارج المخيم، وفي ظل فقدان الأعلاف التدريجي وعجز أصحاب الماشية عن سداد ديونهم، اتجهوا إلى بيعها بشكل مفرط وخصوصا إلى تجار من خارج المخيم.
محمد القرواني، وهو صاحب مركز لبيع الأعلاف، يقول إنه يقضي يومه يتجول في أسواق الماشية ويطرق أبواب مربيها لتحصيل ديونه، التي تجاوزت ٣٠٠ مليون ليرة سورية، من أجل تأمين المال اللازم لشراء كميات أعلاف جديدة واستمرار تجارته.
ويضيف القرواني، بأنه صار مضطراً لتحصيل ديونه عبر أخذ الماشية من المربين وبيعها مرة أخرى في السوق بأسعار أقل بكثير مما تستحق، واصفا هذه العملية بأنها “شراء للخسارة”، وهذا المبدأ يعكس يأسا لدى تجار الماشية من تحصيل ديونهم، ما يجعلهم يفضلون تحصيل أي شيء تجنبا لخسارة كل شيء.
من جانبه، محمد العموري، وهو أيضا صاحب مركز لبيع الأعلاف، يقول إن مربي الماشية كانوا في الأصل يسددون ديونهم بالتقسيط، من خلال بيع قسم من مواشيهم أو بيع منتجاتها، والمبالغ تلك كانت تخصص بشكل شبه كامل لإعادة شراء العلف لتأمين تغذية المواشي وخصوصا في فصل الشتاء، حين تختفي المراعي.
وبشكل صادم يؤكد العموري، أن عزوف مربو الماشية ليس تهربا من الدفع إنما عجزهم عن ذلك، قائلا إن بعض مربي الماشية لو باعوا كل ما لديهم فلن يكونوا قادرين على تسديد ديونهم.
مصير أسود
في المقابل، فإن الأوضاع السابقة تسبب في خسارة كاملة لبعض تجار الأعلاف أدت إلى إغلاق مراكزهم، ويقول أبو مبارك النعيمي، أن مركزه يخلو ومنذ عشرة أيام من الأعلاف لعجزه عن استرداد ديونه وبالتالي شراء كميات جديدة من الأعلاف، مبديا ندمه على بيع مخزونه بالكامل من الأعلاف بالدين.
أبو هايل الخالدي، أحد مربي الماشية في الركبان، يقول إن المرحلة الحالية هي الأسوأ في مخيم الركبان من قدوم النازحين إليه، مضيفا أن العواصف الغبارية تكفلت بالنباتات والمراعي التي نجت من القحط والجفاف فدمرتها.
ويضيف، أنه اضطر إلى بيع نصف ماشيته بغية تأمين غذاء للنصف الآخر، مؤكدا أن آخرين من مربي الماشية عرضوا بيع كامل مواشيهم، أو التوجه إلى بيعها لمناطق النظام. مؤكدا أنه “ليس باليد حيلة”، وأن هذا الواقع المأساوي تسبب وللأسف بوقوع اشتباكات بالأيدي بين أصحاب مراكز الأعلاف وملّاك الماشية و أصحاب المحلات التجارية، كل يريد حقه، ولكن القحط لا يسلم منه أحدا.
محمد العمر