ارتفعت أسعار مواد غذائية وتموينية أساسية في مخيم الركبان، خلال الأسبوع الماضي، بسبب احتكار المهربين وارتفاع أسعار الوقود للبضائع القادمة من مناطق النظام.
يقدر سكان في مخيم الركبان الزيادة الوسطية لارتفاع الأسعار ما بين 30 إلى 100٪، إذ ارتفع سعر ربطة الخبز بنحو خمسمائة ليرة سورية، والزيت لضعف ثمنه، يقول محمد، وهو أحد سكان مخيم الركبان، إن عبوة الزيت الواحدة المخصصة للقلي (لتر واحد) وصلت إلى 18 ألف ليرة سورية خلال الأيام الماضية، وهو ما يعادل أجرة عامل مياومة ليومين على الأقل.
وتقول فاطمة، وهي سيدة في مخيم الركبان، أم لأربعة أطفال، إن الزيادة السعرية طالت كل شيء، فلصناعة وجبة واحدة من البطاطا المقلية، دون سلطة، تشدد على ذلك، فإنها تحتاج لنحو خمسة وعشرين ألف ليرة سورية، تضيف “البطاطا المقلية باتت حلماً لكثير من عائلات المخيم”.
بينما ارتفع سعر الوقود بنحو 25٪، إذ وصل سعر المازوت إلى حدود أربعة آلاف ليرة والبنزين تخطى حاجز 6 آلاف ليرة سورية.
تقول مريم، إن معظم عائلات المخيم تعتمد على “المازوت” كوقود في الطهي، وإنها تحتاج إلى لتر مازوت يومياً، في حين أن المعدل الوسطي لاحتياجات الأسرة من المازوت للطهي تبلغ نحو خمسة عشر لتر شهرياً.
ويعتمد سكان مخيم الركبان في حياتهم المعيشية على العمل في المياومة والحوالات المالية، إذ يبلغ متوسط دخل العائلة أقل من 300 ألف ليرة سورية شهرياً.
تجّار أم مهرّبون
يحمل قسم من سكان المخيم ارتفاع أسعار المواد الغذائية الحالي للتجار والمهربين الدين يعملون على إيصال المواد من مناطق النظام إلى المخيم المحاصر.
يقول محمد، وهو صاحب محل داخل مخيم الركبان، إن السبب الرئيس لارتفاع الأسعار هو “المهرب”، إذ كان يدفع صاحب المحل نسبة 10٪ من قيمة بضاعته كأجرة يتقضاها المهرب لإيصال المواد، أما اليوم فيدفع محمد 25٪ من ثمن بضاعته كتكلفة للنقل، وهو ما انعكس على قيمة البضاعة.
ويروي محمد أن أكثر من عشرة مهربين لم يعودوا يدخلون إلى المخيم واقتصر إدخال البضائع على مهربين اثنين، ما زاد من تحكمهم في أسعار النقل والطريق.
إضافة للمهربين، تحمل فاطمة مسؤولية ارتفاع الأسعار لأصحاب المحلات في المخيم، تقول، هناك سلع أساسية كانت متوافرة داخل المحلات قبل يوم واحد من ارتفاع الأسعار، لكنها فوجئت بارتفاع أسعارها في اليوم التالي، مشددة على أن هذه البضائع لم تصل بعد رفع المهربين لتكلفة النقل.
“ما لحقوا”، تضيف فاطمة، المحلات كانت ممتلئة بمواد غذائية، ولا يحتاج صاحب المحل لجلبها من جديد.
يدافع محمد عن التجار، كونه صاحب أحد المحلات، يقول “إن بعت البضائع بالأسعار القديمة، فثمنها أقل من رأس مالها الجديد، هذا يعني خسارة لرأس المال، من أين سيأتي التاجر ببضائع جديدة!”.
ويعتمد سكان الركبان على البضائع المهربة في حياتهم اليومية منذ أن حاصرت قوات النظام وروسيا المخيم في عام 2018، إذ تصل هذه المواد عبر شبكة من المهربين بالاتفاق مع أصحاب المحلات التجارية، ويدفعون لإدخالها أتاوات لحواجز النظام.
عواصف غبارية زادت الطين بلًة
ضربت مخيم الركبان، خلال الشهر الحالي، ثلاثة عواصف غبارية أثرت على الحياة العامة في المخيم، وشلّت حركة السوق.
وكانت عاصفة غبارية، قد ضربت المخيم، يوم الجمعة الماضي، وترافقت مع ارتفاع أسعار الوقود في المخيم، يقول سكان في المخيم إن العواصف والرياح الشديدة زادت من احتياج السكان للوقود، نحن الآن في آذار، وما تزال درجات الحرارة منخفضة.
تزامن هذه العواصف مع ارتفاع أسعار المازوت الذي يعتمد عليه ي قسم من أبناء المخيم في التدفئة، لكن ومع ارتفاع الأسعار الحالي استعاض كثر منهم بالحطب أو بـ “البطانيات” كوسيلة أقل كلفة للتدفئة.
انعكاس ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود في مناطق النظام، يترك ظلاله على نحو عشرة آلاف محاصر داخل الركبان، لسان حالهم يسأل عن بقائهم تحت رحمة التجار والمهربين وأتاوات النظام، إذ تصلهم عبر ثقب تتحكم به هذه الفئة، علماً أن المخيم لا يبعد سوى أمتار قليلة عن المملكة الأردنية التي تغلق حدودها منذ أزيد من خمس سنوات، إضافة لقربه الجغرافي من الدولة العراقية وخضوعه لحماية قوات التحالف المتواجدة في قاعدة التنف العسكرية، وغياب المساعدات التام عن أبناء الركبان من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى.