تسببت أمطار غزيرة استمرت لنحو ثلاث ساعات، يوم الخميس الماضي، بأضرار في بيوت مخيم الركبان المبنية من الطين، في الوقت الذي وجد سكان في المخيم بهذه الأمطار موسم خير على المزروعات القليلة بعد شح وجفاف تعيشه المنطقة الصحراوية منذ عامين.
وانقسم سكان الركبان بين من يرى في العواصف المطرية مأساة تتكرر في كل عام على بيوتهم وأثاثهم المنزلي بما تسببه من أضرار تفرض عليهم إعادة ترميمها. يقول أبو خالد القرواني (أحد أصحاب المنازل المتضررة في المخيم) إن “المعاناة تتكرر في كل عام، إذ تتسبب الأمطار بتهدم أجزاء من منازل المخيم وتلف الأثاث المنزلي”.
ويضيف القرواني “أمضينا ليلة الخميس في تجفيف المنزل لنستطيع الدخول إليه، إضافة للمبالغ المالية والوقت الذي يحتاجه الترميم بعد كل عاصفة مطرية “.
وتفرض الظروف المناخية على السكان في كل عام ترميم منازلهم مرتين على الأقل، في ظل غياب المساعدات وقلة فرص العمل، إذ يزيد متوسط تكلفة ترميم المنزل عن مئتي دولار.
العاصفة المطرية الأخيرة هي الرابعة التي يشهدها المخيم هذا العام، كان آخرها منذ عشرة أيام، ووصفها السكان بأنها الأشد غزارة بعد أن شكلت سيولاً في المنطقة.
بعيداً عن أضرار المنازل، يرى سكان في الركبان في الأمطار الغزيرة موسم خير بعد سنتين من الجفاف وشح الأمطار، لتملأ خبرات المياه المستخدمة (مياه تجميعية) بري المزروعات والتي جفت معظمه خلال لسنوات الماضية.
يأمل أبو عدنان، مزارع يملك جراراً في مخيم الركبان، أن يكون هذا العام “عام المطر”، ما سيساعد الفلاحين على زراعة الأراضي البعلية بـ “الحنطة والشعير”، والتي غابت مواسمها في العامين الماضيين.
يقول أبو عدنان إن “القمح والشعير موسمان هامان لسكان المخيم في هذه البقعة الصحراوية، يكسران الحصار المفروض ويؤمنان الطحين اللازم لفرن الخبز، إضافة لمردود مال جيد للمزارعين”.
وكان فرن الخبز في مخيم الركبان قد توقف مرات عديدة خلال العام الماضي، بعد منع قوات النظام دخول الطحين إلى الركبان، ما تسبب بتضاعف سعر ربطة الخبز، قبل دعمه من قبل فريق ملهم التطوعي، و “جيش سوريا الحرة”، المستمر حتى اللحظة، بعد توقف مشروع فريق ملهم.
إضافة للقمح والشعير يزرع سكان في الركبان مساكب من الخضار بجوار منازلهم لتحقيق اكتفاء شبه ذاتي من المزروعات التي يصعب إدخالها إلى المخيم عبر طرق التهريب، وكذلك ارتفاع ثمنها.
المراعي التي غابت خلال العام الماضي عن مخيم الركبان، هي الفائدة الأهم التي يرجوها مربو الماشية في المخيم من الأمطار الهاطلة، خاصة وأن الثروة الحيوانية تشكل عموداً فقرياً في حياة سكان المخيم الصحراوي.
يقول أبو محمد العموري، أحد مربي الماشية في مخيم الركبان، إن “مربي الماشية خسروا كثيراً من ماشيتهم خلال العام الماضي نتيجة قلة المراعي وارتفاع سعر العلف الذي وصل الكيلو غرام الواحد منه إلى ما يزيد عن ألفي ليرة سورية”.
ويضيف العموري “كنت أمتلك 200 رأس من الأغنام في العام الماضي، اليوم لا أملك سوى 75 فقط، قسم منها نفق نتيجة الجوع وبعت القسم الآخر لإطعام ما تبقى”.
وكان مخيم الركبان قد خسر ثلثي ثروته الحيوانية البالغة نحو 24 ألف رأساً من الماشية، القسم الأكبر منها خرج رفقة مالكيه إلى مناطق النظام بحثاً عن المراعي.
بين ترميم المنازل بعد العاصفة المطرية والأمل بموسم خير من المزروعات والمراعي، تغيب الحلول في مخيم الركبان لإيجاد حلّ للمحاصرين داخله يكفيهم تعب كل عام ويؤمن لهم احتياجاتهم الأساسية.