إغلاق معبر عون الدادات يفاقم أزمة دخول وخروج المدنيين وينشط طرق التهريب في المنطقة

الصورة من شبكة شام الإخبارية

أغلقت إدارة الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني، في السابع عشر من آذار الجاري، وبشكل مفاجئ، معبر عون الدادات بريف حلب الشرقي، ومنعت دخول وخروج مئات بدون بيان رسمي يوضح سبب الإغلاق ومدته.

وكانت الحكومة المؤقتة قد أعلنت في بيان رسمي افتتاح معبر عون الدادات الواقع عند نقطة فاصلة بين مناطق سيطرة الجيش الوطني في مدينة جرابلس، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في مدينة منبج اعتباراً من الأول من شباط الماضي، وطالبت الراغبين بالدخول عبر المعبر ذهاباً وإياباً، بمراجعة فروع الشرطة العسكرية المنتشرة في مناطق سيطرتها والتسجيل فيها.

بدورها، وضعت الشرطة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة عدة شروط للمرور من خلال المعبر، “بهدف تنظيم عبور المدنيين”.

وصل أبو محمد، وهو من أبناء مدينة منبج، إلى جرابلس ليحط رحاله مع عائلته المكونة من خمسة أشخاص بضيافة أحد أقاربه، كمحطة أخيرة قبل دخوله من معبر جرابلس لتركيا بعد انتهاء إجازته.

يروي أبو محمد تفاصيل رحلته قائلاً: “خلال رحلتنا من تركيا باتجاه مدينة منبج، مررنا من معبر عون الدادات، ودفعت رسم عبور للشرطة العسكرية، 200 ليرة تركية عن كل فرد من عائلتي، وبعد أيام تفاجأت بإغلاق المعبر”.

ويضيف أبو محمد “حتى لا يحل موعد انتهاء إجازتنا، اضطررت للبحث عن وسيلة للدخول إلى جرابلس قبل يومين من الموعد النهائي للعودة إلى الأراضي التركية، ولم أجد سوى طرق التهريب بسبب إغلاق معبر عون الدادات، فاضطررت لدفع 350 دولاراً ودخلت من إحدى النقاط التي يسيطر عليها الجيش الوطني، والتي لا تبعد كثيراً عن المعبر”.

خلال حديثنا مع (أبو محمد) اتصل شخص يدعى (أبو حسن) كان يوجد في البيت نفسه الذي يقيم فيه أبو محمد مع عائلته، بالمهرب الذي قام بإدخالهم عبر نقطة التهريب.

أخبر أبو حسن المهرب عن حاجته لإدخال عدد من اقربائه الذين تتشابه حالتهم مع حالة (أبو محمد)، وطلب المهرب تحديد عدد الأشخاص، وتحديد منطقة عبورهم، لتحديد سعر إدخالهم من منبج إلى جرابلس عن طريق التهريب.

خلال حديث المهرب، بدا واضحاً أنه يمتلك شبكة تهريب من داخل مدينة منبج وصولاً لمدينة جرابلس مباشرة دون الوقوف بأي محطة، بالإضافة إلى طريقة تهريب من النقاط التي تفصل بين سيطرة الجيش الوطني وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ولكل طريقة سعر أعلى وأدنى تتجاوز كل منهما 300، وحسب عدد الأشخاص.

إغلاق معبر عون الدادات، تزامن مع قرب انتهاء إجازة السوريين التي أعلنتها إدارة الهجرة التركية عقب كارثة الزلزال في 6 شباط الماضي، والتي منحت للسوريين الحاملين بطاقة الحماية المؤقتة القادمين من الولايات التركية المنكوبة من الزلزال، إجازات تتراوح بين شهر وستة أشهر.

وحول إغلاق المعبر وتقطع السبل بأصحاب الإجازات، في ظل المنخفض الجوي الذي يمر بالشمال السوري، أكد شيخ عشيرة البني سعيد، وعضو مجلس القبائل والعشائر (الشيخ عبد الله أسعد الشلاش) أن القرار تسبب بمعاناة كبيرة للناس.

وأضاف: عند إغلاق المعبر قمنا مع مجموعة من وجهاء مدينة جرابلس بالتوجه إلى المنطقة وشاهدنا المئات من الناس بالعراء يفترشون الأرض، أغلبهم نساء وأطفال ورجال كبار في السن، وبعد الضغط على إدارة المعبر نجحنا بإدخال نحو 300 شخص منهم.

وروى الشلاش “نقلت بدوري ما شاهدته في المعبر إلى الحكومة المؤقتة ووزير دفاعها ومدير إدارة الشرطة العسكرية، أثناء تدشينهم مقر الحكومة المؤقتة بمدينة الراعي قبل أيام، ولم نتلق منهم سوى وعد بزيارة مدينة جرابلس وتدارس وضع المعبر مع الفعاليات المدنية والعسكرية، ووضع آلية جديدة لدخول المدنيين، لكن مازلنا ننتظر زيارتهم حتى اليوم”.

بدوره، أحد وجهاء والعشائر في مدينة جرابلس أكد “أن صديقه الذي يعمل محامياً، ذهب لفرع الشرطة العسكرية بمدينة الباب، طالباً منهم إدخال زوجته المريضة التي توجهت للعلاج في مدينة منبج من خلال المعبر، لكن دون جدوى، وبسبب التعقيدات لجأ إلى طرق التهريب رغم معرفته بعدم قانونية ذلك والمخاطر التي يمكن أن تترتب على ذلك”.

ويضيف: “قام صديقي بتقديم طلب دخول، ومن ثم تمت إحالة طلبه لإدارة الشرطة العسكرية، لتبدأ سلسلة من الإجراءات المطلوبة لدخول زوجته، ما اضطره للبحث عن مهرب، دفع له 50 دولاراً ليتم دخولها خلال ساعات قليلة، عبر خط سفر مباشر من مدينة منبج حتى معبر العون ومن ثم لبيته في مدينة الباب”.

وخلال زيارتنا لفرع الشرطة العسكرية بجرابلس، للاستفسار عن سبب الإغلاق المفاجئ، لم نتلقى أي إجابة توضح الأمر بشكل كاف.

أبو اسامة، المسؤول عن إدارة المعبر أكد “أن إدارة الشرطة العسكرية تدرس آلية جديدة وتحديد إجراءات لإعادة فتح المعبر”، لكن دون أن يوضح هذه الآلية وتاريخ استئناف العمل به مرة أخرى.

زيادة نشاط المهربين

منذ إعلان الحكومة المؤقتة افتتاح المعبر شهدت النقطة حركة نشطة حيث توافد السوريون من مختلف، المناطق بهدف الدخول والخروج.

وحسب شهادات من القادمين من مناطق سيطرة النظام، وخاصة من محافظة حلب، فإن طريقة نقلهم، بظل إغلاق المعبر، تتم بالتنسيق مع مهربين مرتبطين بفصائل الجيش الوطني وقوات قسد.

ويشرح هؤلاء أن المدنيين يدخلون بداية إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ويبقون في مدينة منبج لعدة ساعات قبل نقلهم إلى النقاط العسكرية وإيصالهم باتجاه مدينة جرابلس.

أوضح لنا أحد المهربين، أن عملية التهريب تتم عبر النقاط العسكرية المحاذية لمعبر عون الدادات، وأن ذلك يجري تحت إشراف الفصائل التي تستلم زمام السيطرة على تلك النقاط.

وأضاف: لا يمكن لأي شخص يعمل في مجال التهريب القيام بذلك بشكل فردي دون علم وموافقة القوى المسيطرة وتحت إشراف قياديين معينين ضمن الفصائل، يحصلون بالمقابل على جزء كبير من المبلغ للسماح لهم بالعبور دون إلقاء القبض عليهم أو التحقيق معهم.

وتتراوح تكاليف تهريب الشخص الواحد من حلب إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني عبر مدينة منبج ما بين 100 إلى 200 دولار أمريكي.

المنطقة الجغرافية لمعبر عون الدادات

يقع معبر عون الدادات جنوبي مدينة جرابلس بنحو 25 كم، على ضفة نهر الساجور، وهو المعبر الوحيد الذي يربط بين مناطق سيطرة الجيش الوطني ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومنها لمناطق سيطرة النظام السوري.

إدارياً يتبع لقرية عون الدادات الواقعة في ريف مدينة منبج التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، ويفصل بينه وبين نقاط الجيش الوطني نحو2 كم، وفي هذه المنطقة الفاصلة ينشط المهربون بكثرة، ويقومون بنقل المدنيين عن طريق السيارات والدراجات النارية عبر مبلغ مالي يتفق عليه مسبقاً.

اما في القسم الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية من المعبر، فيوجد كراج للسيارات والدراجات النارية التي تستخدم في نقل المسافرين الشرعيين أو عن طريق التهريب، ذهاباً وإياباً بمسافة 2 كم مقابل أجرة تبلغ 15 ألف ليرة سورية، وهذا الكراج يديره أحد أبناء قرية عون الدادات، الذي تربطه علاقات مع قوات سوريا الديمقراطية.

منذ إغلاق المعبر قبل أسبوعين، مازالت مئات العائلات عالقة في المنطقة التي تفصل بين نقاط قوات سوريا الديمقراطية ونقاط سيطرة الجيش الوطني، تنتظر إذن الدخول في ظروف مناخية قاسية، بالرغم من توجيه مناشدات عديدة لإعادة افتتاحه من قبل جهات إعلامية ومدنية عدة.

يونس العيسى