لا حدائق للترفيه هنا..لا ألعاب للأطفال..ولا أندية صيفية تنمي مواهبهم..هنا مخيم الركبان، حيث تقضي الصحراء على أحلام الأطفال وتجعل من عطلتهم الصيفية كابوسًا يقض مضجعهم.
يطيل حرّ الصيف من نهار الأطفال الطويل في العطلة الصيفية، ويعمّق غياب وسائل الترفية واللعب من معاناتهم، فالمشكلة في المخيم مركبة..”العطلة الصيفية لا تتناسب مع أحلام الأطفال وأعمارهم”
بهذه العبارة يصف مدير مدرسة الحي التدمري في مخيم الركبان أبو كريم، ويضيف لـ “حصار”: “كانت المدرسة تمنح الأمل للأطفال عبر التعليم والرسم والقراءة إضافة إلى مهارات أخرى”.
ويعتبر أبو كريم العطلة الصيفية في المخيم “مسؤولية كبيرة” لذوي الأطفال، وأنها “تحتاج إلى الكثير من التخطيط والمتابعة والمراقبة بسبب سوء الوضع”، عازيًا تفاقمها إلى “عدم وجود خطط أو برامج متاحة أمام هذه الشرائح”.
ويوضح أنه “لا يوجد دورات صيفية لكي يستثمر الأطفال وقتهم في تنمية المهارات، واكتساب خبرات تعليمية وبناء القدرة البدنية والذهنية للطفل”، وأنّ ” غياب وسائل وحواضن تنمية المهارات والمواهب تفاقم المشكلة”.
ويقتصر الروتين اليومي لأطفال المخيم في العطلة الصيفية على الجلوس في المنزل ومشاركة الآباء والأمهات أعمالهم سواء المنزلية من طبخ وتنظيف أو الذهاب مع الأب إلى العمل في الزراعة والبناء وغيرها من المهن.
فيما يقتصر لعب أطفال المخيم على كرة القدم، على ملعب صحراوي دون توفر أحذية رياضية، يحاول آخرون صناعة سيارات من مخلفات المعلبات وإطارات من أغطية قوارير المياه.
ويجبر الفقر وسوء الأوضاع المعيشية في المخيم الأطفال في العطلة الصيفية على العمل مع والدهم من أجل تأمين لقمة العيش، وهو ما يشير إليه الناشط أبو محمود، بالقول: “معظم الأطفال في مخيم الركبان يسهمون في تحمل أعباء المعيشة ومساعدة آبائهم”.
ويوضح أنّ “معظم الأطفال يذهبون لمدة ساعتين لتأمين لقمة عيشهم في المحال التجارية وتصنيع الطوب كعمال مياومة”، وأنّ “منهم من يذهب لجلب المياه من المناهل على الحدود مع الأردن، ما يضطرهم للمشي نحو 500 متر تحت حرّ الشمس”.
فيما يجد البعض من الأطفال في مكبات القمامة مكانًا للبحث عن المواد البلاستيكية؛ لاستخدامها كوقود لطهي الطعام”، يذهب الطفل علي، 12 عام، إلى محل لبيع المحروقات من أجل مساعدة عائلته في تأمين مصروف المنزل.
علي، يتيم الأب، ولديه 5 أخوات، يقول لـ “حصار”: “أذهب للعمل في بيع المحروقات لمساعدة أمي وأخوتي في المعيشة الصعبة، ومن ثم أذهب لدرس حفظ القرآن بعد آذان العصر”.
يكمل علي عمله بعد ذهابه لتعلم القرآن، حتى المساء، إذ يجني يومية لا تتجاوز 5000 ليرة تساعده على سد نفقات عائلته في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها مع عائلته في المخيم.
أطفالنا أصبحوا كبار
وفي رحلة التهجير القسرية إلى مخيم الركبان، وجد الأطفال أنفسهم كبارًا؛ بعد مرور نحو 6 أعوام على تهجيرهم، إذ يقول أبو عبد أتينا إلى مخيم الركبان ولدي خمس أطفال وكان عمر عبد الرحمن 8سنوات، فيما أصبح عمره (الآن) 14سنة.
ويضيف: “يعتمد عبد الرحمن على نفسه ويساعدني في تأمين لقمة العيش، حيث يذهب للعمل بالطوب الطيني و نقل اللبن من مكان صنعه إلى مكان العمل بوساطة طنبر صغير ويأخذ أجور 1000 ليرة عن الطوبة الواحدة”.