“لقد نمنا تحت درج المنزل. أصوات القذائف لم تهدأ طيلة ليلة (السبت).. لقد كانت ليلة عصيبة للغاية. القصف استهدف وسط المدينة. لم نخرج لاستطلاع الأمر؛ خوفًا من قذيفة قد تطالنا”. بهذه العبارات وصفت لنا السيدة رهام واقع (ليلة السبت) التي عاشتها في منزلها الواقع في الأحياء الشرقية من مدينة ترمانين بريف إدلب الغربي
وقالت لـ “حصار”: إنّ “ليلة أمس كانت صعبة للغاية، ولذلك قررنا في الصباح النزوح إلى منزل أهلي الواقع في قرية أطمه بريف إدلب الشمالي. ننتظر هدوء الأجواء كي نتمكّن مجددًا من العودة إلى منزلنا في ترمانين”.
قوات النظام قصفت الأحياء السكنية في مدينة ترمانين بالقنابل العنقودية والنابالم؛ ما أسفر عن وفاة رجل متأثرًا بإصابته بشظايا وجرح ثلاثة آخرين
تأتي مشاعر القلق والخوف التي تنتاب “ريهام”، حالها في ذلك، حال جلّ سكان ريفي إدلب وحلب في ظل القصف المدفعي والصاروخي والجوي الذي تشنّه قوات النظام وروسيا على مناطق متفرقة من المنطقة.
الدفاع المدني يوثّق أعداد الضحايا
الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) وثّق (السبت) في بيان (فيسبوك) مقتل 7 مدنين؛ بينهم 4 أطفال وامرأة في قصف متفرق على قرى وبلدات (كفر لاته، الأتارب، ترمانين، جسر الشغور، بسنقول، سرمين، أريحا، والدانا”.
وأعلنت المنظمة حصيلة تصعيد قوات النظام والروس على إدلب وريف حلب من تاريخ (4-7) من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، والتي بلغت 32 مدنيًا، بينهم 10 أطفال و4 نساء، فيما بلغ عدد الجرحى 167 شخصًا، بينهم 50 طفلًا و30 امرأة.
تحويل مصابين إلى تركيا
ولمعرفة الواقع الصحي للمصابين، قال مصدر طبي فضّل عدم نشر اسمه لـ “حصار” إنّ “معظم الحالات التي تحتاج إلى جراحة حوّلت إلى مشفى باب الهوى”.
وأوضح المصدر أنّ “المشفى استقبل عشرات الجرحى، من بينهم 3 مصابين في حالة حرجة، تم تحويلهم إلى غرفة الإنعاش القلبي الرئوي، حيث أجريت لهم عمليات الإنعاش اللازم. لكن مع الأسف هناك شخص فقد الحياة، فيما تم تحويل مصابين اثنين إلى تركيا للعلاج في مشافيها؛ بسبب استقرار الشظايا داخل الرأس”.
الخوف من القصف يتسبب بحوادث مرورية
وأشار المصدر إلى “مراجعة المشفى لإصابات بحوادث مرورية (ماتور)؛ بسبب الخوف من قصف الطيران”، مؤكدًا استنفار كافة الكوادر الطبية في جميع مشافي الشمال السوري لاستقبال المصابين”.
نزوح جديد للأهالي
التصعيد الأخير دفع عشرات العائلات للفرار من ريفي حلب وإدلب إلى الشريط الحدودي مع تركيا في ريف إدلب الشمالي، وإلى منطقتي عفرين واعزاز بريف حلب الشمالي، إذ نقل بعضهم إلى أماكن إيواء مؤقتة بمساعدة من الدفاع المدني وبعض المنظمات المحلية.
موقع “حصار” تواصل مع عدد من المنظمات المحلية لمعرفة أعداد النازحين، لكن بحسب مصادر متقاطعة في تلك المنظمات فإنّه “لا توجد حتّى الآن إحصائيات دقيقة”، وأنّ “العمل منصب في الوقت الحالي على نقل من يرغب من سكان المناطق التي تتعرض للقصف إلى أماكن أكثر أمانًا”.
منظمة الدفاع المدني، قال إنّ “عائلات نزحت من عدة مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي والشرقي والغربي مع استمرار الهجمات الصاروخية والمدفعية لقوات النظام مع بقاء الكثير من العائلات في المناطق لعدم وجود أماكن تلجأ اليها”.
وذكرت المنظمة أنّ الهجمات العسكرية للنظام السوري تصاعدت بشكل ملحوظ خلال الأيام الثلاثة الماضية، واستهدفت المدنيين والمرافق الحيوية في عدة مناطق في ريفي حلب وإدلب، بهدف فرض حالة من عدم الاستقرار، في وقت ما يزال فيه السكان يكافحون لمواجهة آثار الزلزال المدمر.
بيان أممي
إلى ذلك، أصدر المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى مع المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية مهند هادي، بياناً مشتركاً بشأن تجدد الأعمال العدائية في شمال غربي سوريا، ناشدا فيه جميع الأطراف لوقف الأعمال العدائية وتجنّب المدنيين.
وذكر البيان أنّ ” تقارير وردت عن هجمات متفرقة طالت العديد من مواقع في شمالي سوريا”، و” وردت تقارير أخرى عن مقتل وإصابة مدنيين، بينهم نساء وأطفال، وألحقت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية المدنية الحيوية في كلّ من حلب وإدلب وحمص وتل تمر والقامشلي والحسكة”.
وأوضح البيان أنّ “هذه التطورات المثيرة للقلق العميق هي تذكير صارخ بأن الأزمة في سوريا لا تزال تدمر السكان المدنيين وتلحق الدمار بمرافق البنية التحتية المدنية. كما تؤدي مثل هذه الحوادث إلى تعطيل الأنشطة الإنسانية، مع ما يترتب على ذلك من عواقب إنسانية وخيمة على الأشخاص المحتاجين”.
وناشد البيان جميع الأطراف أن تحرص على حماية المدنيين والأعيان المدنية –بما في ذلك المنازل والبنية التحتية الأساسية– طوال عملياتها العسكرية في سوريا وفقاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.