على أنقاض خيمته المدمرة ينتظر الشاب ثابت برو الانتقال إلى دار إيواء جديدة، بعد أن دمر فيضان نهر العاصي مخيم الزوف الواقع على ضفاف نهر العاصي قرب مدينة جسر الشغور بريف إدلب الشمالي.
ويقول لـ “حصار”: “فجر يوم الأربعاء الماضي، سمعنا صليل مياه النهر يعلو بشكلّ كبير، فسارعنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أثاث منزلي وخيام، لكن قوة المياه كانت أكبر، إذ دمرت بعض الخيام وأغرقت كل الأثاث المنزلي في المخيم..مع ذلك الحمد لله استطعت إنقاذ أفراد العائلة من أطفال ونساء وأخرجتهم إلى الطريق الاسفلتي”.
هذه هي المرة الثانية التي يضطر فيها ثابت وعائلته للنزوح خلال أشهر، بعد أنّ أجبره زلزال شباط الماضي على النزوح من منزله في قرية الزوف واللجوء للسكن في خيمة؛ نتيجة التصدعات الكبيرة التي ألحقها الزلزال في منزله.
وبسبب عدم تلبية المنظمات الإنسانية حتّى الآن لمناشدات العائلة بالحصول على منزل إيواء جديد، بقي منتظراً مع أفراد عائلته من الشبان إلى جانب رجال المخيم في خيام مهترئة في المنطقة ذاتها، فيما جرى تأمين باقي أفراد العائلات من نساء وأطفال لدى الأقارب والأصدقاء في المنطقة.
ويضيف لـ “حصار”: “لقد عاين موظفو المنظمات والتقطوا الصور، ووعدونا خيراً، لكن ما زلنا في مرحلة انتظار الفرج”.
وتضررت عشرات القرى والبلدات في ريف إدلب الشمالي؛ بسبب فيضان نهر العاصي، الذي ترافق مع هطولات مطرية كبيرة على مدار 48 ساعة متواصلة.
وتركزت معظم الأضرار في ريف إدلب الغربي، وخاصة في منطقة خربة الجوز والزوف والمناطق المحيطة بها، إضافة إلى المخيمات القريبة من نهر العاصي، ويقول علي اللري، مدير مركز الدفاع المدني في خربة الجوز لـ “حصار” إنّ “حجم الأضرار كان كبيراً في المنطقة، حيث توجه 50 فريقاً من الدفاع المدني لمساعدة المتضررين”.
وأضاف: “عملنا على فتح الممرات المائية والطرقات المغلقة، نتيجة الانهيارات الجبلية”، موضحاً أنّ نسبة أضرار خيم النازحين تجاوزت 80% بسبب رداءة نوعيتها.
ولفت المسؤول في الدفاع المدني إلى إجلاء فرق الدفاع المدني لعدد من نازحي المخيمات احترازياً، تحسباً من ارتفاع منسوب مياه نهر العاصي، من بينها مخيم الغزالي في منطقة دركوش.
وعلى ما يبدو عدم وجود مراكز إيواء مؤقتة يصعب من عمليات إجلاء المتضررين، حيث تتركز معظم تلك العمليات على إجلاء نازحي الخيام إلى مخيمات أو منازل الأقارب والأصدقاء، وأكدّ اللري إجلاء مئات العائلات خلال الأيام القليلة الماضية
ولم تقتصر الأضرار على المخيمات الواقعة على سرير نهر العاصي، حيث طالت أحياء سكنية في مدينة دركوش وريفها، إذ داهمت المياه معظم المنازل القريبة من النهر.
ولا يعتبر فيضان نهر العاصي جديداً على سكان مدن وبلدات سرير النهر، حيث يفيض مع ارتفاع كمية الهطولات المطرية، وفتح السدود والروافد المقامة على مجرى النهر كـ (الرستن، والقرقور،..)، وتقتصر أضراره في معظم الأحيان على الماديات.
وقدّر الدفاع المدني حجم أضرار فيضان العاصي في بيان صدر عنه بـ “43 مخيماً في ريفي إدلب و حلب، تضرروا نتيجة الأمطار والسيول التي شكلها فيضان نهر العاصي”، وإنّ “الأضرار شملت 157 خيمة بشكل كلي و 369 خيمة بشكل جزئي، وامتلأت طرقاتها بالوحل، كما تسربت مياه الأمطار لمئات الخيام”.
وأشار البيان إلى أنّ فرق الدفاع المدني “تواصل استجابتها للأضرار للحد من المخاطر الكارثية للعاصفة، وحماية المدنيين وتقديم المساعدة لهم، من خلال فتح قنوات لتصريف المياه وشفطها وإبعادها عن التجمعات السكنية، وإنشاء سواتر لحماية المخيمات والمناطق من خطر الفيضانات، وتأمين الجدران التي تصدعت بسبب غزارة الأمطار”.