موسم الكمأة..مصدر رزق لسكّان مخيّم الركبان

يجد بعض سكّان مخيّم الركبان في موسم جمع الكمأة مصدراً للرزق وفرصة عمل موسميّة، تعينهم على إدّخار وتأمين الاحتياجات الأساسيّة لأسرهم.

الكمأة أو ما يعرف محليّاً بـ “الترفاس”، هو فطرٌ برّي موسمي نادر الظهور ينمو بعد هطول الأمطار، بين شهري كانون الثاني وآذار من كلّ عام،  في تربة صحروايّة يتراوح عمقها ما بين 5-15 سنتمتراً، وتزن الحبّة الواحدة منها ما بين  30 إلى 900 غراماً.

يجوبون الصحراء بحثاً عن الكمأة

عشرات العائلات من سكّان مخيّم الركبان تضطّر لقطع نحو 40 كيلو متراً في الصحراء للوصول إلى المناطق المعروفة بخصوبة أرضها لنمو “الكمأة”، وتنصب الخيام فيها لعدّة أسابيع.

يشرح أبو فوّاز كيفية العثور على الكمأة، بالقول لـ “حصار”: “نتتبع نبات الجريد، وهو نبات موسمي يتبع فصيلة نباتات الرقروق التي يحتاجها فطر الكمأة،  ليتغذّى على جذوره، حيث يكون الجريد شاهداً على وجود الكمأة في المنطقة الصحراويّة بعد سقوط الأمطار وحدوث العواصف الرّعدية التي تساعد على نمّوها”.

هناك مناطق تمتاز وتشتهر  بخصوبة التربة التي تنمو فيها ثمار الكمأة وهي قريبة من مخيّم الركبان مثل: (التنيفات، ثليجة، الزويرية وخويمات)، بحسب أبو فوّاز

أبو عطيّة، جامع كمأة، قرّر الابتعاد عن عائلته وأطفاله لأكثر من شهر لكسب رزقه، يقول: “نخرج كمجموعات من الرجال أو العوائل والأقارب نحو المناطق التي يعرف عنها خصوبة أرضها لنموّ ثمار الكمأة، حيث نُخيّم فيها لسهولة العمل وتوفير عناء الذهاب والعودة إلى المخيّم، وتخفيفاً لأجور النقل”.

ويضيف: “نجمع ما تيسّره الأرض التي نُخيّم فيها من ثمار الكمأة، ثمّ ننتقل إلى أماكن أخرى للحصول على ثمار جديدة ، وبعد الانتهاء من العمل، تُجمع الكمأة، وتُرسل في سيارات لبيعها للتجّار الذين يهربونها ويبيعونها في مناطق سيطرة النّظام “.

يبحثون عن الرزق وسط الصحراء

يجد أبو الوليد في موسم جمع الكمأة فرصة عمل وحيدة للحصول على المال وتأمين احتياجات عائلته على مدار العام، يقول: “الكمأة هي مصدر رزق حقيقي للكثير من أبناء المنطقة، ويمكن للأسرة أن تحقّق منها إيرادات تكفي لعام كامل في بعض الأحيان”.

استطاع أبو الوليد خلال العام الماضي  جمع أكثر من 100 كيلو غرام من ثمار الكمأة، وباعها بسعر وسطي قارب 10 دولار للكيلو غرام الواحد، ما يعني أنه ربح نحو ألف دولار..”إنه مبلغ كبير، خاصة في ظل هذه الظّروف المعيشية الصّعبة التي يعيشها أهالي مخيّم الركبان”.

ويضيف: “سأذهب مع أفراد أسرتي للبحث عن الكمأة  في منطقة تبعد نحو ٤٠ كيلو متراً، وأقيم فيها لعدّة أسابيع علّي أحظى برزقٍ وفير..الكمأة مصدر رزقي”.

ندرة الكمأة يضاعف أسعارها

تضاعفت أسعار الكمأة لهذا العام بشكلٍ لافت، إذ بلغ سعر الكيلو غرام الواحد نحو 700 ألف ليرة سورية، أي ما يقرب من 50 دولار أميركي، وهو ما يفوق سعرها  عن العام الماضي بنحو 5 أضعاف.

يربط التاجر أبو خالد بين سعر الكمأة وحجم الحبّة ومدى توفّرها في السوق، متوقّعاً أن يكون الموسم الحالي غير جيد، بسبب قلّة الأمطار والعواصف الرعدية.

خسائر في الأرواح لجامعي الكمأة

جمع الكمأة يعتبر من الأنشطة الموسميّة المحفوفة بالمخاطر التي ألحقت خسائر بالأرواح عبر السنوات الماضية في عمليات قتل أو جرّاء انفجار الألغام الأرضية، إذ قُتل، في شباط الماضي، بمنطقة السخنة في بادية حمص نحو 75  شخصًا من جامعي الكمأة بهجمات مسلّحة، وسط تبادل للاتهامات حول من يقف وراءها ما بين ميلشيات موالية لإيران تنشط في المنطقة أو خلايا نائمة تعمل لصالح تنظيم “داعش”.

تعتبر المنطقة 55 آمنة نسبيًا، إذ تخلو من قوّات النظام وحلفائها المدعومة إيرانيًا، ومن عناصر تنظيم “داعش”، وتشهد  تسيير دوريات بشكل مستمر للتحالف الدولي، الذي عمل مع جيش سورية الحرّة المدعوم أمريكيًا على تنظيفها من الألغام.

ولم تسجل منطقة الركبان أيّ عمليات خطف أو قتل لجامعي الكمأة سوى حادثة واحدة عام 2018، إذ اعتقل حرس الحدود العراقي عددًا من أبناء المخيّم لمدة 15 يومًا، ثم نقلوهم إلى منطقة الفلّوجة ومنحوهم حقّ اللّجوء.