يحاول أبو محمود، المقيم في مخيم الركبان، إجراء فحوص طبية عاجلة لطفله الرضيع ذي العشرة أيام، والذي يشكو من سوء التغذية، لكن محاولاته باءت بالفشل، بسبب غياب الأطباء المختصين عن مستوصف المخيّم، وعدم وجود أجهزة طبية تُقيم الحالة الصحية لطفله.
الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمبالغ الكبيرة التي يطلبها المهربون تمنع أبو محمود من إرسال طفله وزوجته إلى مناطق سيطرة النظام لتلقي العلاج، واصفاً مخيّم الرّكبان بـ “مخيّم الموت والمنسيين”، مطالباً المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالتحرك العاجل لإنقاذ سكان المخيّم.
يعيش سكان مخيّم الرّكبان أوضاعاً معيشية صعبة للغاية، زادت مؤخراً، بسبب إحكام قوات النظام حصار المخيّم، وإغلاقها طرق التهريب التي كانت تمدّ سكانه ببعض المواد الغذائية، ما عمّق من المأساة الإنسانيّة والطبيّة في المخيّم.
دفعت سوء الأوضاع المعيشية والصحية الأهالي لتنظيم مظاهرات واعتصامات لمطالبة المجتمع الدولي بتأمين طرق آمنة للخروج إلى الشمال السوري، أو تحسين ظروفهم المعيشية في المخيّم عبر إجبار النظام على فتح طرق وصول الغذاء والدواء إلى الأهالي.
تشكو زوجة أبو محمد من غياب الوعي بسبب “الشحنات الكهربائية”، وتحتاج لتشخيص حالتها الصحية عبر جهاز الرنين المغناطيسي، لكن عدم توفر الجهاز بالنقطة الطبية في المخيم، وغياب الكوادر الطبية المختصة، يصيبه بالإحباط.
يقول: “لا أستطيع ترك زوجتي بمفردها بسبب غيابها المتكرر عن الوعي..أخشى من وقوعها على الأرض وتعرضها للخطر، لا أجد وسيلة لعلاج زوجتي، كلّ الطرق مغلقة في وجهي”.
غياب التغطية الطبية في مخيّم الركبان يطال مرضى الأمراض المزمنة، السيدة أم حسن، سيدة خمسينية، لا معيل لها، تشكو من مرض السكري، وانخفاض متكرر لضغط الدم.
تقول: “لا يوجد طبيب مختص ليُشخص حالتي المرضية ويصف الدواء اللازم لي”، وتحاول الاستعانة بصيدلية المخيم، لكنها تصطدم بارتفاع أسعار الدواء..”لا أستطيع النوم من الألم، أشكو أمري لله”.
ترفض الأردن استقبال الحالات المرضية المزمنة من مخيم الركبان، فيما تبلغ تكاليف طريق الذهاب للعلاج في مناطق سيطرة النظام نحو 3000 دولار، وسط تقاعس المنظمات الأممية عن تقديم الدعم الطبي اللازم.
يقتصر تقديم الخدمات الطبية لسكان مخيّم الركبان على مبنى طيني يطلق عليه اسم “مشفى شام الطبي”، يفتقر إلى أبسط الأجهزة والمستلزمات الطبية.
تقتصر الأجهزة الطبية في نقطة شام الطبية على جهاز تصوير بالأمواج فوق الصوتية (ايكو)، وجهاز أكسجين وبعض حواضن الأطفال لعلاج المصابين باليرقان (أبو صفار)، وسط ندرة في توفر المستهلكات الطبية، ويقتصر الكادر على بعض الممرضين والقابلات القانونية.
مدير النقطة الطبية (شام) أبو أحمد، يقول إنّ نحو 50 شخصاً يراجعون النقطة الطبية يومياً، معظمهم من الأطفال، يشكون من الرشح و الإسهال و الإقياء، بسبب سوء التغذية، وعدم تلقيهم اللقاحات اللازمة منذ عام 2019.
يطالب مدير النقطة بتأمين فحص شامل للأطفال والنساء، الذين يشكون من سوء التغذية، إضافة إلى وضع برامج تغذية علاجيّة وتكميليّة، وهو ما يفتقر إليه مخيّم الرّكبان، وسط غياب دعم المنظمات الأممية الطبية.
أبدى ناشطون في مخيّم الركبان قلقهم من تدهور الوضع الغذائي في المخيم، وانتشار سوء التغذية بين السكان، محذّرين من كارثة إنسانية
يشير ناشطون إلى أنّ انتشار حالات سوء التغذية الحاد في مخيم الركبان تضاعف بعد إغلاق النقطة الطبية (عون) على الحدود الأردنية السورية فيما لم يتلق أطفال المخيّم اللقاحات اللازمة منذ عام 2019، ما يعرض من هم دون سن الخامسة لخطر الموت.
يمارس نظام الأسد وإيران سياسة التجويع بحق سكان مخيّم الرّكبان، بعد قطع طرق التهريب إليه، ما أدى إلى فقدان المواد الغذائية الاساسية و الدواء من سوق المخيّم.
يطالب أهالي مخيّم الرّكبان المنظمات الأممية بتأمين مركز طبي دائم ومتكامل في المخيم يضم أطباء مختصين، والضغط على النظام لإيصال الدواء والغذاء إليهم.
أُجبرت بعض العائلات والأفراد على مغادرة مخيّم الرّكبان والذهاب إلى مناطق سيطرة النظام السوري، .بسبب غياب الرعاية الصحية وحاجتهم لإجراء عمليات جراحية عاجلة.
وهو ما يرفع من معاناة النازحين عبر تحميلهم أعباء مالية كبيرة لتأمين خروجهم عبر طرق التهريب إلى مناطق سيطرة النظام علاوةً على رفض قوات النظام عودتهم إلى المخيّم، وإجبارهم على البقاء في دور إيواء مؤقتة.