الألغام الأرضيّة تشارك الحصار في قتل نازحي مخيّم الرّكبان

لم يدرِ الشاب محمود أنه سيقتل أثناء بحثه عن رزقه بلغم أرضي زرعته قوات النظام والميليشيات الإيرانية أثناء رعيه للماعز على أطراف المنطقة 55.

محمود المنحدر من منطقة مهين بريف تدمر، ترك وراءه زوجة حاملاً و5 أطفال بلا معيل وسط الصحراء، في مكان تغيب عنه أبسط مقومات الحياة وتُمعن قوات النظام والميليشيات الإيرانية في حصار قاطنيه مانعة عنهم الغذاء والدواء.

جثة محمود تركت ليومين في المنطقة المزروعة بالألغام، ولم تعرف عائلته بنبأ مقتله لحين عودة قطيع الماعز بلا راعيها إلى منزل العائلة في مخيّم الرّكبان، حيث فوجئت زوجته بالأمر وبدأت بالبحث عنه، لتعثر عليه بعد يومين على بعد نحو 15 كيلو متراً من المخيم، وقد قتل بلغم أرضي وقطعت رجله، على مايبدو، من قوة الانفجار.

أبو أحمد، أحد أقارب الشاب محمود، يقول: “مع الأسف وجدنا محمود مقتولاً بانفجار لغم أرضي، بعد يومين من البحث عنه، وقد ركن دراجته النارية على بعد نحو 20 متراً من المكان”.

هذه الحادثة لا تعتبر الأولى في المنطقة، فقد سبق وقتل العشرات بألغام أرضيّة زرعها النظام والميليشيات الإيرانية في محيط المنطقة 55، لتشديد الحصار على سكان مخيّم الرّكبان ومنعهم من الخروج منه.

انفجار الألغام الأرضيّة غالباً ما يقع ضحيتها رعاة المواشي “الغنّامة”، بسبب بحثهم عن مراع لقطعانهم، فتباغتهم مصيدة الألغام في تلك المنطقة، التي لا تحتوي على أيّ لوحات تحذيريّة من خطر الألغام.

الألغام الأرضيّة أنهت حياة عشرة أشخاص على الأقل في الفترة الممتدة بين عامي 2019 و2022، وقتلت أحلامهم بالوصول إلى الشّمال السوري عبر درجاتهم النارية بعد تضييق الحصار على المخيّم من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانيّة، بحسب مصادر أهلية.

يعزو جابر أبو خالد، نازح في المخيّم، أسباب زراعة المنطقة بالألغام إلى رغبة النظام بحصر خروج نازحي مخيّم الرّكبان بنقاط تفتيشه العسكرية، يقول: إنّ “النظام زرع الألغام على أطراف المنطقة 55، من أجل إجبار النازحين على المرور عبر حواجزه العسكرية المحطية بالمنطقة كـحاجزي جليغم وظاظا”.

يشترك الحصار مع الألغام الأرضيّة بقتل نازحي مخيّم الرّكبان عبر منع دخول الغذاء والدواء إلى الأهالي، وقتل من يحاول الخروج منه بالألغام الأرضيّة ومنع من يبحث عن رزقه في تلك الصحراء من الحصول على غذاء لماشيته، في محاولة لقتل كلّ معالم الحياة في المخيّم لإجبار سكانه على الخروج منه والتمكن من تفكيك المخيّم عبر سياسة التجويع الممزوج بالقتل.