يواجه المصابون بالصرع في مخيم الركبان نقصاً حاداً في الرعاية الصحية، بما في ذلك غياب الأطباء المختصين ، وعدم توفر الأجهزة الطبية اللازمة والأدوية الضرورية للعلاج.
محمود، طفل مقيم في مخيّم الرّكبان، ويبلغ من العمر 10 أعوام، يعاني من مرض الشحنات الكهربائية، أو ما يسمى بـ “الصرع الجزئي”، بعد سقوطه على الأرض بشكل مفاجئ، وبعد معاينته من قبل الكادر الطبي في نقطة شام الطبية، لم تحظ عائلته بأيّ تقييم حقيقي لحالته المرضية، فالبعض منهم ذهب إلى تشخيص المرض على أنه التهاب في اللوزتين، وآخر شخصه على أنه مرض سكري، بحسب ما أخبرتنا والدته.
تطورت حالة محمود الصحية، وأصبح يقع على الأرض كلّ ساعتين، ما اضطر والدته إلى عرضه على نقطة عون الطبية قبل إغلاقها من الجانب الأردني، حيث شُخصت حالة محمود على أنها مرض “صرع جزئي”، وأعُطي الدواء المناسب، لكن معاناة عائلة الطفل محمود زادت بعد إغلاق نقطة “عون” الطبية من قبل الجانب الأردني، وبدأت حالة الطفل تسوء بسبب تحفيف كمية الأدوية إلى النصف، حرصاً من أهله على تدبر أمرهم كي لا ينقطع الدواء عن محمود .
تقول أم محمود: “تواصلنا مع عدة أطباء عبر تطبيق (واتس آب) وشرحنا لهم الحالة، مرفقة بالتقرير الطبي الذي حصلنا عليه من المشفى في المملكة الأردنية، حيث استبدل دواؤه الأساس (تيكريتول) بحبوب (كاربتيك عيار 400)، وبدأت تتحسن حالة محمود مع رفع عيار الدواء، وبدأت حالة طفلي تتحسن”.
الوضع الآن، بحسب أم محمود، صعب للغاية، بسبب عدم تلقي محمود لفحوصات طبية لتخفيف أو تبديل الدواء، وهو أمر شبه مستحيل، بسبب عدم وجود أطباء مختصين، وأجهزة طبية لتشخيص حالة المرض، ولهذا تبدو خيارات العائلة محدودة في علاج ابنهم، وسط مناشداتهم للمنظمات الطبية للتدخل وإيجاد حل إسعافي للطفل.
لا تقتصر حالات مرض الصرع في مخيّم الرّكبان على الأطفال، إذ تعاني الشابة سهام محمد، البالغة من العمر 20 عاماً، من مرض “الصرع الجزئي”، إذ تعرضت لاضطرابات نفسية وغياب عن الوعي لمرات عدة قبل نحو 4 سنوات بعد زواجها مباشرة، وبعد تشخيص الحالة من قبل القابلة القانونية في نقطة شام الطبية بالتنسيق والاتصال مع طبيب مختص أكدّ معاناة سهام من مرض “الصرع الجزئي”، بعد مشاهداته عبر تقنية الفيديو .
الطبيب المختص طلب من سهام إجراء فحوصات طبية وتصوير الدماغ ومتابعتها من قبل طبيب مختص لتقييم الحالة ووصف الدواء المناسب،لكن سهام لم تستطع تشخيص حالتها المرضية بسبب عدم توفر الأجهزة الطبية الفاحصة، والدواء اللازم، وتقول: “أغير كل فترة دوائي لكن دون جدوى، لا أستطيع الذهاب لمناطق سيطرة النظام للعلاج، خوفا من الاعتقال، أو المنع من العودة”.
وتضيف: “بسبب سوء حالتي الصحية، لا أستطيع طهي الطعام أو الدخول إلى المطبخ واستخدام الببور أو الغاز إلا إذا كان زوجي في البيت أو إحدى جاراتي خوفاً من أن تداهمني الحالة، وأسقط على النار، أعيش معاناة كبيرة مع زوجي وأطفالي”.
ولا تبدو ظروف ماهر، البالغ من العمر 40 عاماً، والذي يعاني من مرض الصرع منذ الصغر، أفضل من سابقيه في الحصول على علاج، بسبب نقص الأدوية، وخصوصاً تأمين دوائه المعتاد (فينيتوئين فينوباربيتال)، يقول شقيقه أبو محمد إنّ “ماهر يتعرض لنوبات بمعدل يزيد عن ثلاث مرات يوميًا”، وإنّ الأطباء حذروه في وقت سابق من خطورة عدم توفر العلاج، أو تأخر جرعاته، ما قد يؤدي لزيادة وشدة في نوبات الصرع.
أطباء ومختصون أكدوا، في وقت سابق، أنّ مرضى المخيم بحاجة ماسة إلى توفير طبيب مختص قادر على وصف أدوية بديلة، لمعالجة الحالات الحادة إلا أنّ الوضع الحالي في المخيّم لا يبشر بالخير في ظل انعدام البدائل وعدم وجود الأطباء، وصعوبة وصول الأدوية بسبب الحصار المفروض على المخيّم.