تنتشر العقارب والأفاعي بكثرة في فصل الصيف داخل مخيّم الرّكبان الواقع في منطقة صحراوية محاصرة، حيث تنتشر المنازل الطينية المهجورة التي تتخذها العقارب والأفاعي مسكناً لها، إضافة إلى مساهمة العواصف الغبارية بنقل العقارب إلى المنطقة؛ بسبب خفة وزنها، وهو ما يزيد من قلق الأهالي وخوفهم على حياة أبنائهم من لدعة مباغتة قد تودي بحياة البعض منهم، بسبب عدم توفر أمصال العلاج.إجراءات أهلية للحدّ من “خطر اللدغات” يسعى سكان مخيّم الرّكبان إلى اتباع أقصى درجات الحيطة والحذر في مواجهة الزواحف السامة، فيحصنون منازلهم بوضع مادة القطران، ويسدون كلّ فراغات زوايا المنازل “دراخيش” بالطين والجبس، إضافة إلى إخراج الأثاث المنزلي، يومياً، وتعريضه للشمس للقضاء على أيّ احتمال لوجود تلك الزواحف السامة داخله.
تغيب الأمصال وتحضر المسكنات
رغم كل هذه الإجراءات الاحترازية التي يتخذها سكان مخيّم الرّكبان في مواجهة لدغات الزواحف السامة، التي على ما يبدو لم تفلح في منع الإصابة بها، يقول أبو محمد الشاوي، مدير نقطة شام الطبية، إنّ “غياب المصل المضاد والعقاقير اللازمة لهذه الحالات يشكل تحديًا كبيرًا في التغلب على هذه الحالات، إذ تستقبل النقطة نحو 20 حالة شهرياً وترتفع هذه الأعداد في فصل الصيف”.
يوضح المسؤول الطبي في المخيّم أنّ العلاج يقتصر على منح المصابين أدوية مضادة للتحسس والكورتيزونات ومسكنات الألم، بسبب عدم توفر أمصال مضادة للدغات الأفاعي والعقارب في المركز.
الطب العربي في مواجهة الزواحف السامة
في ظل غياب الأمصال المضادة للدغات العقارب والأفاعي، يلجأ الأهالي إلى الطب العربي، أبو أحمد، مختص بالطب العربي في مخيّم الرّكبان، يقول: إنّ “الأهالي اتجهوا إلى اتباع طرق تقليدية لمعالجة اللدغات، مثل وضع العقرب في علبة صغيرة مع كمية من الزيت، ثم إغلاق العلبة، حتّى يموت العقرب بعد أن يفرغ سمه في الزيت، الذي سيُستخدم كمصل يدهن به مكان الإصابة”.
ويشير إلى أنّ البعض يحاول علاج اللدغات من خلال إخراج الدم الفاسد من بعد جرح مكان الإصابة، والضغط عليها، ثم وضع بيضة مثقوبة من الأعلى لسحب السم وتخفيف الألم.
مراسل “حصار” يقول إنّ من أبرز أسباب انتشار العقارب والأفاعي بكثرة، هي مكبات القمامة وجور الصرف الصحي المنتشرة قرب منازل الأهالي، إضافة إلى درجات الحرارة المرتفعة.
محمود أبو مرعي، نازح في المخيّم، يؤكد عدم مرور يوم إلا بإصابة أحد قاطني المخيّم بلدغة عقرب، وأنّ لدغات الأفاعي هي الأقل شيوعاً، لكنها منتشرة في منازل المخيّم، ويقتل الأهالي منها العشرات شهرياً.
يُذكر أبو مرعي بلدغة الأفعى التي أودت بحياة طفلة في منتصف عام 2019، بعد أن لدغتها برقبتها، ولم يستطع القائمون على النقطة الطبية تقديم العلاج لها، كونها فارقت الحياة قبل الوصول إلى مستوصف شام.
كما أنّ ارتفاع درجات الحرارة وانتشار مكبات القمامة وجور الصرف الصحي أسهمت في انتشار الكلاب الشاردة، التي تشكل خطراً أكبر وأشد على السكان، وأنّ هناك حالات عض عديدة حصلت لأطفال ونساء، ما جعلهم يخشون الخروج ليلاً، خوفاً من تعرضهم لهجوم من قبل الكلاب الضالة.
الكلاب تفرض حظراً للتجوال الليلي
تغيب الإجراءات الجادة للحد من انتشار الكلاب الشاردة التي زادت أعدادها في المخيم وبدأت بمهاجمة المارة.
الناشط المدني أبو عبد الله، يقول: إنّ “السكان يشتكون بشكل مستمر من انتشار الكلاب الضالة، ما يشكل خطرًا على حياتهم، خاصة، الأطفال والنساء، إذ تتكاثر وتتجمع الكلاب بشكل عشوائي ضمن المناطق السكنية وبين أكوام القمامة بحثًا عن الطعام”.
لا تتوفر أمصال لمعالجة عضات الكلاب، لذلك يتم التعامل معها عبر إعطاء المسكنات وخافضات الحرارة، إضافة إلى مضاد الالتهاب حال توفره، بحسب مدير نقطة شام الطبية.
مطالب ومناشدات
يطالب سكان مخيّم الرّكبان بإيجاد حلول للحدّ من انتشار هذه الظاهرة عبر التعاون ما بين المجلس المدني في مخيّم الركبان والشرطة المدنية، وتشكيل لجنة مختصة تعمل على تأمين الأمصال الخاصة بعضات الكلاب ولدغات الأفاعي والعقارب، والحد من انتشار الكلاب الشاردة.
كما يطالب الأهالي بنقل القمامة بشكل يومي من أمام المنازل والأسواق للحد من انتشار الكلاب، الأفاعي، والعقارب، إضافة لمطالبتهم بتوزيع منشورات توعوية على السكان لتعليم الإسعافات الأولية في حال التعرض لخطر عضة الكلب أو لدغة الأفعى أو العقرب، وتزويد المستشفى بالأمصال اللازمة، إضافة إلى ضرورة تلقيح الكلاب المرباة في المنازل والسيطرة عليها بربطها أمام أو داخل المنزل لتجنب إرهاب أو إيذاء المارة.