مخيّم الركبان. مقبرة للأجنة وأحلام بأمومة مؤجلة

تتواصل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها نازحو مخيم الركبان منذ سنوات، إذ يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة من غذاء ودواء، مما أثر بشكل كبير على صحة النساء، خاصة الحوامل والأمهات، وجعلت من حياتهن في المخيم حكاية ألم لا تنتهي.

 تشير الإحصاءات الصادرة عن نقطة شام الطبية إلى أن الظروف الصعبة تسببت في حالات إجهاض ووفيات مؤلمة:

 – 70 حالة ولادة خلال الشهرين الماضيين.

 – 8 حالات إجهاض في الأشهر الأولى من الحمل.

 – 6 حالات إجهاض في الشهرين الخامس والسادس.

 – حالتان وفاة للجنين في الشهرين السادس والسابع.

 تعزو مصادر طبية في مخيم الركبان هذه الحالات إلى سوء التغذية والمعاناة المعيشية، فضلاً عن حاجة نحو 80% من النساء إلى حليب أطفال صناعي بعد الولادة، وهو ما يعكس حالة النقص المتزايد في الاحتياجات الأساسية للسكان.

 تقول مصادر محلية إنّ سعر علبة الحليب الواحدة بلغ نحو 150 ألف ليرة سورية، وهي لا تكفي سوى أربعة أيام، ما جعل الأمهات في حالة عجز تام عن تأمين الغذاء الضروري لأطفالهن.

 أودت الظروف الصحية القاسية بحياة ما يزيد عن عشرة أطفال حديثي الولادة في المخيم، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بسبب سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية.

“بعد انتظار دام أكثر من خمس سنوات، أخيراً تم الحمل.. كنت أعيش فرحة لا توصف بقدوم طفلي المنتظر.. لكن مع الأسف، توفي الجنين في الشهر السادس بسبب سوء الرعاية الصحية”، هكذا وصفت أم محمد الكارثة التي حلّت بها بعد إجهاض حمل انتظرته سنوات.

 تسبب الإجهاض في تدهور حالتها الصحية والنفسية، حيث أصبحت تعتمد على مساعدة زوجها وطفليها في القيام بمهامها المنزلية. تقول أم محمد: “كل شيء انهار في لحظة.. الحزن لا يفارقني. لقد فقدت الأمل في الحياة”.

 تعزو القابلة القانونية في نقطة شام الطبية الظروف الصعبة التي تواجه الأمهات في مخيم الركبان، والتي تؤدي إلى عمليات الإجهاض والوفاة المبكر للأطفال حديثي الولادة، إلى سوء التغذية الذي يعدّ من أهم الأسباب التي تؤدي إلى عدم قدرة الأمهات على إدرار الحليب بعد الولادة.

يشكو المخيم، منذ عام 2019، من حصار خانق أدى إلى انعدام المواد الأساسية مثل الغذاء، الأدوية، وحليب الأطفال. وتسببت هذه الظروف في تفاقم أمراض مزمنة مثل الضغط والسكري، مما يجعل الحياة في تلك البقعة الصحراوية المعزولة عن العالم شبه مستحيلة.

الوضع في مخيم الركبان يتطلب استجابة إنسانية عاجلة لتأمين الغذاء والدواء وتخفيف معاناة الأم والأطفال.