مريم الفيصل
تشهد الليالي الرمضانية في محل الحلويات الذي يملكه أبو علاء في مخيم الركبان تحضير عجينة المعروك، يسهر ساعات في عركها ودلكها جيداً حسب أصول المهنة، ثم يتركها لتختمر، تمهيداً لخبزها في اليوم التالي وعرضها على الزبائن بعد صلاة العصر إلى وقت الإفطار.
يقول أبو علاء إنه اعتاد تحضير المعروك في رمضان منذ تعلم مهنته، “هي عادة متوارثة ومرتبطة بالشهر الفضيل، وفيها شيء من تراثنا وأصالتنا، لا نريد لها أن تنتهي لذلك نستمر بصنعها”.
يصنع أبو علاء نوعين فقط من المعروك، تماشياً مع القدرة الشرائية للركبانيين، معروك (سادة) وآخر (محشو بالشوكولا)، في حين تغيب أصناف أخرى كالمعروك المحشو بجوز الهند أو بعجوة التمر أو الزبيب.
يحضر أبو علاء مكونات المعروك، من الطحين والحليب والزيت النباتي والسمن والسكر والماء، ويفضّل أن يضاف إليها البيض والزبدة وماء الزهر وحبة البركة لكنها مواد بأسعار مرتفعة إن وجدت، مع ذلك يصف أبو علاء كمية البيع بـ”الجيدة” وهي أقل من العام الماضي.
مع انعدام أصناف محببة من المعروك وتراجع جودته إلا أن أهالي الركبان لم يستغنوا عنه في موائدهم، يقول أبو محمود النازح في المخيم وهو يستعيد ذكرياته أيام زمان عن معروك تدمر، “ قبل النزوح كان همّنا الحصول على المعروك طرياًّ وبنكهات مختلفة وتزيّنه حبة البركة والفستق الحلبي، أما الآن همّنا فقط شراؤه أيّاً كان نوعه وحجمه”.
يصف أبو محمود المعروك بخبز رمضان أو خبز الفقراء، لرخص ثمنه، ويخبرنا أن ارتفاع الأسعار جعل القطعة منه بـ 2000 ليرة سورية، ومع ذلك هي أرخص من حلويات أخرى وصلت أسعارها لأزيد من 17 ألف ليرة مثل البقلاوة والنمورة.
آخرون يقيسون ثمنه بسعر ربطة الخبز التي بلغت 2000 ليرة أيضاً، ما يجعلهم يضعونه على لائحة الرفاهيات، بعد أن كان من أساسيات مائدة رمضان، أما أبو فارس النازح في المخيم فيقول إنه بالكاد يستطيع تأمين احتياجات وجبتي الفطور والسحور، ومع ذلك لم يحرم أولاده من وجود قطعة أو قطعتين من الحجم الصغير، وفي أيام متفاوتة.
يغيب مشهد البسطات الممتلئة بالمعروك عن مخيم الركبان، ويغيب معها صوت الباعة ونداءاتهم التي كانت تشد المارة تجاه هذه الأكلة التراثية “ تازة يا معروك، أكل الملوك يا معروك، كلو إلك يا صايم أطيب من لحم الديوك يا معروك “، إلا أنه ما زال يرافق موائدهم كتحلية بعد الإفطار، أو كمقبلات قبله.