دخل فريق طبي، لأول مرة، في بداية شباط/ فبراير الجاري إلى مستشفى تابع لــ “فصيل أسود الشرقية” داخل منطقة الـ 55 كم، على بعد سبع كيلو مترات عن مخيم الركبان، لتقديم خدمات صحيّة، و على رأسها إجراء عمليات جراحية لمن يحتاج من أهالي المخيم الذين يفتقدون لوجود الأطباء في الركبان منذ سنوات.
وقال مدير المشفى أبو يوسف لشبكة حصار إن الفريق الطبي الذي يتألف من ثلاثة أطباء: جراحة و صحة عامة وتخدير بالإضافة إلى ممرضين اثنين وفني تخدير وفنّي أشعة، أتى من محافظتي السويداء ودرعا إلى منطقة الـ 55 كم عبر فصيل أسود الشرقية، إذ قام الأخير بتأمين وصول الكادر الطبّي إلى المنطقة وتكفّل بتأمين الطعام والمأوى له.
في حديثه لشبكة حصار قال أحد الأطباء إن الفريق الطبي أجرى، منذ أن بدأ عمله في 7 شباط الجاري، حتى الآن نحو خمس وعشرين عملية جراحية: ست عمليات قيصرية، وسبع عمليات فتق إربي، وثلاث عمليات إزالة كيس شعر وبواسير، وأربع عمليات إزالة كتل دهنية، وواحدة استئصال للزائدة الدودية، وأربعة حالات ختان للأطفال.
إلى جانب ذلك، أدّى وجود مختص بالتصوير الشعاعي إلى تسهيل علاج حالات الكسور والرضوض، إذ جرى علاج ثمانية كسور أغلبها نتجت عن حوادث الدراجات النارية حسبما أفاد الطبيب.
وجود الأطباء وإمكانية إجراء بعض العمليات الجراحية وفّر على عائلات كثيرة سفر مرضاهم إلى مناطق النظام والعلاج هناك، وما يترتب على ذلك من حرمان المريض من العودة إلى المخيم، والخطر على حياته خلال الرحلة أو في مناطق النظام، بالإضافة إلى التكاليف المادية التي أرهقت عائلات المرضى.
تقول أم محمد، سيدة تعيش في الركبان، إنه من حسن حظ ابنتها أنها استطاعت إجراء عملية قيصرية في مستشفى أسود الشرقية بالقرب من مخيم الركبان، تضيف” لولا الأطباء كانت ابنتي اليوم تعيش رفقة رضيعها في مناطق النظام بعيدة عني وعن زوجها أطفالها الآخرين، هذا حال نساء خرجن من الركبان وولدن هناك، ويعشن الآن في مراكز الإيواء بعيداً عن أسرهن”.
يبعد المستشفى التابع لفصيل أسود الشرقية نحو سبع كيلو مترات عن مخيم الركبان، يعمل الكادر الطبي داخله على مدار الساعة، ويقدمون خدماتهم الطبية لأهالي مخيم الركبان بشكل مجاني، بما فيها العمليات الجراحية وتقديم الأدوية المتوافرة، وهناك سيارتي إسعاف لنقل الحالات الطارئة من المخيم للمستشفى.
يحوي المستشفى عدة جراحة أهم ما ينقصها جهاز جراحة تنظيرية، وهناك مخبر لإجراء الفحوصات المخبرية، وجهاز تصوير شعاعي، وجهاز سونار(جهاز تصوير طبي يعمل بالموجات فوق الصوتيّة)، وجهاز إيكو، ومونيتور للمراقبة القلبية، وجهاز لتوليد الأوكسجين.
يقول المدير أبو يوسف إن معاينات المرضى تجري يومي الاثنين والخميس، وتجرى الفحوصات والعمليات الجراحيّة في الأيام الخمسة المتبقية، موضحاً أن المرضى لم يفحصوا أو يتحدّثوا إلى طبيب لسنوات، وهو ما زاد عدد المراجعات التي وصلت لأكثر من 600 حالة في الأسبوع الفائت وحده.
مرّ قرابة ثلاث سنوات على إغلاق المركز الطبي التابع للأردن من قبل السلطات الأردنية بذريعة كورونا، منذ ذلك الوقت لم يدخل أي طبيب للمخيم، وأشرف الممرضون على علاج المرضى، بينما كانت مناطق النظام وجهة اليائسين من شفائهم داخل المخيم، منهم من مات في الطريق، آخرون وصلوا، ومنعوا من العودة إلى المخيم بعد أن تماثلوا للشفاء.
“الوقوف على يد الطبيب” هو ما افتقده أصحاب الأمراض المزمنة في مخيم الركبان، مثل أبو سعيد النازح المريض بالسكري والضغط، يخبرنا أنه أحسّ براحة نفسيّة بعد أن كشف عليه الطبيب في مستشفى أسود الشرقية، ثم أجرى له الفحوصات المخبريّة اللازمة، وقدّم له ما يحتاج من أدوية، على أن يعود لزيارته بعد مدة شهر.
” لا أحد هنا يخفي سعادته بوجود الأطباء، بقاؤهم هنا مثل نور وسط ظلمة هذه الصحراء، فأنا كمريض ارتحت نفسياً وبدأت صحتي تتحسّن، أتمنّى بقاءهم وزيادة عددهم وتقديم الدعم الكامل لهم”.
يقول من تحدّثنا معهم، إنه ليس على فصيل واحد تأمين استمرار بقاء الأطباء، طالبين من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانيّة دعم بقائهم، بتوفير حماية وإقامة لائقة لهم ورواتب تساعدهم على العيش ومعدّات طبية حديثة تسهل عملهم، ما قد يخلق فرصاً في الأيام اللاحقة لاستقدام أطباء آخرين.